سورة الأنفال - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنفال)


        


بَيَّنَ- سبحانه- أن الجِدَالَ منهم عادةٌ وسَجِيَّة، ففي كل شيء لهم جدال واختيار؛ فكرهُوا خروجَه إلى بَدْرٍ، كما جادلوا في حديث الغنيمة، قال تعالى: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ} وما يكون من خصال العبد غير متكرر ويكون على وجه الندرة كان أقربَ إلى الصفح عنه والتجاوز، فأمَّا إذا صار ذلك عادةً فهو أصعب.
ويقال ما لم تباشر خلاصةُ الإيمان القلبَ يوجد كمالُ التسليم وترك الاختيار، وما دام يتحرك من العبد عِرْقٌ في الاختيار فهو بعيدٌ عن راحة الإيمان.
ولقد أجرى الله سُنَّتَه مع أنبيائه ألا يفتح لهم كمالَ النُّعْمى إلا بعد مفارقة مألوفات الأوطان، والتجرد عن مساكنة ما فيه حظ ونصيب مِنْ كل معهود.
ويقال إن في هجرة الأنبياء- عليهم السلام- عن أوطانهم أماناً لهم من عادية الأعادي، وإحياءً لقلوب قوم تقاصرت أقْدَامُهم عن المسير إليهم.
وكذلك هجرة الأولياء من خواصه؛ فيها لهم خلاصٌ من البلايا، واستخلاصٌ للكثيرين من البلايا.


جحودُ الحقِّ بعد وضوح برهانه عَلَمٌ لاستكبار صاحبه، وهو- في الحال- في وحشة غَيِّه، مُعَاقَبٌ بالصِّد وتَنعُّص العَيْشِ، يَملُّ حياتَه ويتمنى وفاتَه؛ {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى المَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ}.


التعريجُ في أوطان الكسل، ومساكنة مألوفات الراحة من خصائص أحكام النَّفْس، فهي بطبعها تؤثِر في كل حالٍ نصيبها، وتتعجل لذَّةَ حظِّها. ولا يصل أحدٌ إلى جلائل النِّعم إلا بتجرُّع كاسات الشدائد، والانسلاخ عن معهودات النصيب. {وَيُرِيدُ اللهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} أي إذا أراد اللهُ- سبحانه- تخصيصَ عبدٍ بولايته قضى على طوارقِ نفسه بالأفُول، وحكم لبعض شهواته بالذبول، وإلى طوالع الحقائق بإشراقها، ولجامع الموانع باستحقاقها.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8